([1])

والمجتمعات تستهلك مقداراً من الماء يزداد كلما ازدادت درجة رقيها ، وأنَّ ارتفاع مستوى المعيشة يزيد في الطلب على الماء وتدل التوقعات مثلا على أنَّ عدد سكان الوطن العربي سيصبح (300)مليوناً في نهاية القرن العشرين ،أي سيزداد بنسبة 150% وأنَّ مصادر المياه في تناقص مستمر .كما أنَّ مشكلة تأمين الماء لتلبية الاحتياجات المتزايدة هي من أكثر مشاكل الوطن العربي أهمية إذ انَّه يقع في جزء من يشكو الجفاف .([2])

1- مشكلة المياه     

تُعدَّ مسألة المياه في الوطن العربي من أكثر المسائل إثاره للجدل والاختلاف والتصارع .فإلى جانب أنَّها مسألة اقتصادية واجتماعية وقانونية فإنَّها مسألة أمنية ستراتيجية سياسية في الوقت نفسه ،تتعلق بحياة دول المنطقة وسكانها وتتشابك مع مشكلات أخرى توالدت منها في الماضي ،وقد تتولد عنها في المستقبل نزاعات وصراعات مسلحة .فمنذ عقد من الزمان تقريبا أخذت مراكز البحوث والدراسات الغربية تروج  لاحتمال  اندلاع حرب المياه ،ومن المتوقع أنْ يظل موضوع المياه في المنطقة العربية محور الاهتمام والتركيز في العلاقات بين دول المنطقة فتنتاب تلك العلاقات مختلف أشكال الاحتلال .

2- ويمكن رد الأسباب والدوافع التي تكمن وراء نشوب النزاعات بشأن المياه الى الأسباب التالية .([3])

1- وقوع معظم منابع المياه خارج الأرض العربية خاصة النيل والفرات ودجلة .

2- تناقص النصيب النسبي من المياه بسبب التلوث والتصحُّر و التملح فيها.لماء حيث إنَّ 97% من مجموع المياه المستهلكة تستعمل في الزراعة.

3- الاعتداء والمباشرة على موارد المياه العربية والحقوق العربية فيها .

4- مشكلة التغيرات المناخية وسيادة موجة الجفاف في المنطقة .

5- زيادة عدد السكان في الوطن العربية بنسبة كبيرة

3 - جغرافية المنطقة

يقع الوطن العربي بين دائرتي عرض (2جنوبا و37شمالا ،وبين خطي طول 17غربا و60 شرقا )ويبلغ امتداد الوطن العربي من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا نحو (6000)كم ،كما يبلغ أقصى امتداد من الجنوب عند الحدود الجنوبية للصومال إلى أقصى الشمال عند الشمال الحدود الشمالية لسورية والعراق ،كان لهذا الامتداد في أنْ يقع قسم من الوطن العربي داخل نطاق المنطقة المدارية الحارة ومساحة منه تشغل المنطقة المعتدلة الدافئة ،مما لهذا الأمر من أثر على ظروف المناخ ،اذ تُقدَّر كمية الهطول السنوي بمعدل 100 -300ملم مكعب  بحوالي (438) مليار متر مكعب تغطي حوالي 15،5% من مساحة الوطن العربي , وبذلك فإنَّ 83% من مساحة الوطن العربي تتلقى معدلات مطرية تقل في المتوسط عن (300)ملم سنويا ،وهذا يعني أنَّ حوالي 11،5 مليون كم2 من مساحة الوطن العربي عبارة عن مناطق جافة وشبة جافة ويبلغ معدل هذا الرقم 23% من مجموع المناطق الجافة على سطح الأرض.([4])

4-  الدور التركي

تبلغ كمية الموارد المائية المتجددة في تركيا 196 مليار متر مكعب في السنة ،منها 186 مليار متر مكعب تمثّل التصريف السنوي للأنهار التركية ،و10 مليارات متر مكعب من المياه الجوفية المتجَّددة , وتبلغ حاجة تركيا الحالية للمياه حوالي 55 مليار مترمكعب في السنة وستصل حاجتها إلى 58 مليار متر مكعب عام 2000 ، أي أَنَّ استهلاكها الحالي لا يشكل سوى 28% من مواردها المائية التقليدية المتاحة.([5] )

 ورغم هذه الوفرة المائية في تركيا ،فأنها تحاول الضغط على دول الجوار العربي وذلك من خلال :

1- نهر القويق :وينبع من منطقة عينتاب التركية ويمر في مدينة حلب السورية ،ورغم وجود اتفاقيات سابقة على استثمار مياه هذا النهر مناصفة ،إلاّ أنَّها قطعت هذا النهر نهائيا عن سورية في الخمسينات

2- نهر الفرات : ينبع من شمالي منطقة أرض روم في تركيا ،ويدخل الأَرض السورية  والأَرض العراقية عند مدينة حصيبة .

      تتصرف تركيا بمياه نهر الفرات وفقا لما تمليه عليها مصالحها الذاتية على حساب سورية والعراق, ولقد استغلت الخلافات العراقية –السورية ،فأخذت في بناء السدود والخزانات عليه من دون الأخذ بنظر الاعتبار المصالح الشرعية للدول التي تشترك معها في حوض هذا النهر . وتسعى تركيا من خلال مشروع جنوب شرق الاناضول (gap ) الى بناء 21 سدا و17 محطة كهرومائية ،بكلفة تصل الى 20 مليار دولار, ويؤثر إِكمال هذا المشروع سلبا على تدفق مياه نهر الفرات إلى سورية والعراق, وبالفعل قامت تركيا بخفض تدفق مياه نهر الفرات لمدة شهر ابتداءً من 1990/1/13 من 500 متراً مكعباً في الثانية اي 120 متر مكعب في الثانية وخفض المياه المتدفقة من نهر الفرات حوالي 170متراً مكعباً في الثانية للفترة من 28 يناير لغاية 3 فبراير 1991 من دون مشاورة سورية والعراق ، وعلى الرغم من أنَّ تركيا والعراق وقَّعتا بروتوكولاً انضمت إليه سوريا،عام 1982، ينصُّ على ضرورة التوصل إلى الكمية العادلة التي تحتاجها الدول الثلاث من الانهار المشتركة ،كما واتفقت سورية وتركيا عام 1987 على أنْ يكون التصريف السنوي لنهر الفرات عند دخوله الاراضي السورية 500 متراً مكعباً في الثانية.

وتعهَّدت سوريا بتزويد العراق ب58% من هذه الكمية مقابل 42%له ، إلاّ أنَّ تركيا تضرب هذه الاتفاقيات عرض الحائط وتحاول رفض مبدأ تقسيم مياه نهر الفرات بين الدول الثلاث, لقد انخفض متوسط التصريف السنوي لنهر الفرات عند دخوله للأراضي السورية من 31.5مليارمتراًكعباً عام 1970 الى 15،8مليار متر مكعب عام 1987، وستقل كمية المياه المتدفقة من تركيا من نهر الفرات بعد إِكمال مشاريع لتطوير هضبة الأناضول عام 2000إلى 11مليار متر مكعب في السنة وبهذا سيخسر الوطن العربي 65% من التصريف السنوي لنهر الفرات في الفترة 1970-2000 .

ثانياً -  الدور التركي في تهديد الأمن المائي العربي من خلال جملة من المؤشرات .

محاولة تركيا عدم الوصول إلى اتفاق مائي واضح حول حوضي دجلة والفرات مع كل من العراق وسوريا .

المحاولات التركية لجعل حوض دجلة والفرات حوضا مائيا واحدا أثناء عملية المباحثات الفنية .

جعل الأقسام الجنوبية الشرقية من تركيا مسرح لنظام مائي إِروائي وخزني من خلال تنفيذ عدد هائل من المشاريع الإروائية .

تلويح تركيا باستخدام المياه كورقة ضغط سياسي على دول الجوار الجغرافي.

اِبان العدوان الأمريكي على العراق في عام 1991 قامت تركيا على خفض تدفق مياه نهر الفرات نحو 170متراً مكعباً في الثانية بدوافع استخدام المياه كسلاح ضد العراق .

طرح الأتراك مشروع أنابيب السلام حول تزويد الأقطار العربية التي تعاني من نقص في مواردها المائية وبخاصة أقطار الخليج العربي .

سعي الأتراك ومن خلال محاولاتهم إلى تنفيذ مبدأ شد الأطراف فيما يتعلق بالمنطقة العربية وربط المنطقة العربية بقضايا إقليمية شرق أوسطي ،محاولين في ذلك جعل تركيا مركز الثقل في الشرق الأوسط.

لذا يمكن القول أنَّ السلوك السياسي المائي التركي يدور حول ثلاث فرضيات تبغي تركيا لتحقيقها وهي:

أولا:فرضية تسيس المياه .

ثانيا:فرضية الماء مقابل النفط .

ثالثا: فرضية السوق شرق أوسطية.

1-  أطماع إسرائيل وسياستها في المياه العربية

يمكن تقسيم أطماع إسرائيل في المياه العربية الى أطماع أسرائي في المياه السورية

    إنَّ أطماع الدولة الإسرائيلية في المياه السورية تسبق وجود هذه الدولة بزمن طويل.احتلال الجولان عام1967 وتحويل روافد نهر الأردن للمنطقة العربية ،في عام 1953 بَنَتْ إسرائيل محطة كهربائية شمال بحيرة طبريا ،في عام 1964 أخذت إسرائيل في قصف منشأة وأليات مشروع تحويل نهر الاردن ،حليا تحصل إسرائيل على ثلث استهلاكها من مياه الشرب والزراعة من مياه الجولان وجبل الشيخ .

أطماع إسرائيل في مياه لبنان وفلسطين والاردن

تم ضم منطقة جنوب لبنان الممتدة بين الحدود الإسرائيلية ونهر الليطاني،وعلى الرغم كون نهر اليرموك نهر عربي المنبع والمجرى إِلا أنَّ مشروع جونسن أعطى إسرائيل الحق في استغلال25 مليون متر مكعب ،وضعت الحكومة الاسرائيلية يدها على كل مصادر مياه الضفة وقطاع غزة وباشرت هي بحفر الابار العميقة

ويؤثر اكمال هذا المشروع سلبا على تدفق مياه نهر الفرات الى سورية والعراق  ،ولقد استغلت الخلافات العراقية –السورية ،فأخذت في بناء السدود والخزانات عليه من دون الأخذ بنظر الاعتبار المصالح الشرعية للدول التي تشترك معها في حوض هذا النهر .