الثقة والإعجاب بالنفس

  • 01 - 02 - 2017
  • 15860
عن أمير المؤمنين (ع):"إيَاكَ والإعجابُ بنفسِك والثقةُ بما يعجبُك مِنها وحبُّ الإطراء فأنَّ ذلك من أوثقِ فُرَصِ الشيطان ليمحقَ ما يكون من إحسانِ المُحسِن".



يلعب الإعجابُ بالنفس دورَ الوقود الذي يُحرق العمل ويُضعف الأمل ويعثّر الطريق، فالعملُ الجادُ أساسُه الإصرار والعزيمة وصدق النيَة. وحتى يدرك الإنسان عواقب فعاله الخيَرة والصالحة عليه أن يتحلّى بما ذكرنا، وعليه أيضاً أن ينأى عن العواقب المُتعبة والمحرقة والمُهرقة.

ومن أشقّ الأمور التي تُضعف المبادرة وتوهِنُ فعاليّة العمل هو الإعجاب بالعمل الذي يُرادِف الإعجاب بالنفس والرضا بما تقوم به، وإذا ما اقتنع الإنسان بأنَّ ما يقوم به هو أفضل الأمور حتى ولو لم يأخذ بعين الإعتبار رأي الآخرين المخالفين له ولم يسمع لهم، فسيقوده ذلك الى الفشل المحتّم.

فالتّقدم والنجاح أساسه النقدُ الدائم والحوار المتواصل، لأنه إذا ما اقتنع وأُعجِبَ بالعمل فسيقف عنده، أما لو اكتشف أخطاءه وعرف معايبَه فسيواصل السير في خطّ  تقدّمي يقود للنجاح، فعن أمير المؤمنين (ع): "رضاك عن نفسك من فسادِ عقلك ، ومَن رضيَ عن نفسه ظهرت عليه المعايب. حيث يتمترَس في حفرة لا يستطيع الخروج منها وتضيق آفاقه وتتحجّم آماله."

وقد تعرّضَت الروايات بالتوبيخ لمن يثق بنفسه، ما يعني أن الثقةَ المُفرِطةَ بالنفس بشكل مُستقّل عن واجب الأسباب أي ربّ العالمين وبالنأي عن الأسباب الطبيعية الموجبة للنجاح أمرٌ مذمومٌ مقدوحٌ فيه، ولا يعني أن لا يثقَ الإنسان بقدراته التي وبالتوكّل على الله وبتوخي الأسباب توصِل للنتيجة المحمودة. فالرسول(ص) رغم معرفته بحتمية النصر والظفر إستشارَ أصحابَه في أغلب الأمور وتوكّلَ على المولى القدير وانطلق فانتصر.

لذا يظهر الإعجاب بالنفس كفرصة يتملّكها الشيطان ليضعف الإنسان ويسيء إليه، فينسب الإنسان لنفسه العمل ولأدائه النجاح، فيعجب بذلك ليحطِّمَ كلَّ شيء، ويمحق كلَّ أمر. وحتى لو كان الأمر في خطِّ طاعةِ الله فيجب أن يكون فرصةً لشكر الله وبيان ضعف الإنسان بدون الله وطلب الإستزادة، أما الإعجاب به فيؤدي الى جموده بل وتلاشيه، وقد ورد عن الصادق(ع): " سيّئة تسوؤك خير عند الله من حسنة تعجبك"، لأنها لو أعجبتك قد تقودك الى الرياء فتسلك طريق جهنم أما لو ساءتك السيئة فقد تكون مفتاح التوبة والطريق الى الفردوس.

نذكر أخيراً الموقف القرآني الجميل، حيثُ أمرَ اللهُ الرسول(ص) بعد فتح مكة أن يسبّح الله ويستغفره عند حصول هذا النصر، حتى لا ينسى المُسلمون أنَّ النصرَ هو من عند الله لا من عند نفسه، فلا يُعجَب بنفسه بل يستمر للأفضل وذلك هو طريق النصر المُبين.  
 


اذا لم تظهر لك التعليقات فأعد تحميل الصفحة (F5)

مواضيع أخرى للناشر

5 قواعد استراتيجية لإنتاج العلم والمعرفة

يمضي الطالب الجامعي ما يقارب 20 سنة في التعلّم، ما بين المدرسة والثانوية والجامعة، وأحيانًا تطول أكثر من ذلك بكثير.
......المزيد

6 رؤساء موساد سابقون: "نحن في مرحلة خطرة لمرض خبيث"

مفاضلة الحكام الصهاينة: ضياع القيم بين اللاأخلاقي والاجرامي ابدى ستة رؤساء سابقين لجهاز لموساد الصهيوني قلقهم على مستقبل الكيان الصهيوني
......المزيد

ثقافة الأشهر الثلاثة (رجب، شعبان وشهر رمضان)

تلتقي برامج التثقيف الاسلامي عند محور مركزي يمثل الدورة الثقافية السنوية الأم التي تتفرع عنها وتتماهى معها كل برامج السنة
......المزيد

الشهادة

الإمام والتحرك السياسي: لقد كابد المسلمون عموماً، والعلويون وشيعة آل البيت الويلات جراء الحكم العباسي المتغطرس، فقد قاسوا ظلم المنصور
......المزيد

إمامة الكاظم (عليه السلام): مواجهة منظمة وجهاد مرير وطويل

إمامة "الكاظم" (ع): مواجهة منظمة وجهاد مرير وطويل(1) لقد كانت حياة موسى بن جعفر عليه السلام المليئة بالأحداث؛ حياةً مليئةً
......المزيد

إطلالة عامة على حياة الإمام الكاظم عليه السلام

شخصية الإمام الكاظم عليه السلام: ولد أبو الحسن موسى عليه السلام في الأبواء بين مكة والمدينة في يوم الأحد السابع
......المزيد

رؤية الإمام قدس سره في خصوص تنصيب الولي الفقيه

يظهر من بعض الكتابات الفقهيّة للإمام أنّ الوليّ الفقيه يتمّ تنصيبه من قِبَلِ الشارع المقدّس. حيث يعتقد الإمام أنّ الولاية
......المزيد

الجمع بين رؤيتي الإمام الخميني قدس سره

قد يخطر لبعضٍ، وفي الوهلة الأولى، وجود تناقض بين رؤيتي الإمام المتقدّمتَين. ومن هنا حاول بعض المحقّقين في آثار الإمام
......المزيد