حروب الجماعات الارهابية: الربح الاستراتيجي لإسرائيل

  • 01 - 02 - 2017
  • 3761
لعل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة قد أدركت منذ زمن، أنها لن تربح الحرب مع الدول الكبيرة والتي تمتلك قدرات عسكرية عالية، وهو ما دفعها مرة للتفكير في الحروب بالإنابة، او السعي لأضعاف هذه الدول ثم الانقضاض عليها،

لهذا لم تجرء يوما على أن تحارب دولة قوية، وحتى دخولها الحرب ضد المانيا (الهتلرية) لم يكن له أن يحدث لولا تأكدها من أن الجيش الالماني بدأ يخسر حربه على الجبهة الروسية، كما أن المانيا قد اصابها الوهن بعد 3 سنوات من الحرب وامتداد جبهتها غرباً وشرقاً، وكذا الحال في بدايات القرن الجديد، فقد أنهكت افغانستان نتيجة الاحتلال السوفيتي، والحال مع العراق الذي دخل في أتون حربين مدمرتين، ففرضت عليه حصار اقتصادياً، أطاح بما تبقى من ممكنات قوته. وحتى ليبيا بعد ما أنهك جيش القذافي جرت عملية الانقضاض عليه أميركياً واوربياً.

وبعد انتكاسة الولايات المتحدة الأميركية في العراق وافغانستان، وعدم قدرتها على المطاولة في احتلالهما، وبغية استكمال مشروعها في الشرق الاوسط، فقد اختارت أن تستدعي السيناريو الأخر، الذي يمكن له أن يحقق لها اهدافها، وتحقيق أمن حليفتها اسرائيل، ومن قراءة مشهد الاوضاع بعد هزيمة اسرائيل عام 2006 في لبنان، لم يكن تصور قيام اسرائيل أو أميركا بشن حرب في أي مكان أخر، لهذا كان لابد من التخلص من عدوين وهما الوحيدين المتبقين على حدودها، وهما سوريا وحزب الله، ولأجل هذا كان القرار بدفع المجموعات الارهابية صوب سوريا عبر بوابة تركيا والاردن، فالهدف حزب الله والطريق اليه عبر سوريا، وفي الكشف النهائي لاستخدام الارهابيين في استهداف الدول ومنها سوريا، هو لخدمة اسرائيل، والغاية تبرر أي وسيلة، تستخدمها اميركا، تطبيقاً لأطروحة ميكافيلي.

وبدا الترويج الفكري الى أن الجماعات المسلحة يمكن أن تستجلب الاستقرار في البلد الذي يشهد توتر واضطراب ، وعندما تعجز الدولة عن ضبط أوضاعها، وهذا روبرت ماندل - أستاذ الشئون الدولية في كلية لويس وكلارك في بورتلاند، أوريجون،‮ والذي سبق له العمل في العديد من وكالات الاستخبارات الأمريكية. يسوغ لدور الجماعات المسلحة من خلال كتابه:‬‬

Global Security Upheaval: Armed Non-State Groups Usurping State Stability Functions.

ويطرح رؤية مختلفة لعلاقة الفاعلين من‮ ‬غير الدول بمفهوم الاستقرار من منطلق كونهم جزءاً من الحوكمة الرشيدة، حيث يرى (ماندل) إمكانية أن تعزز الجماعات المسلحة من‮ ‬غير الدول الاستقرار، وأن تمثل عاملاً فاعلاً في تحسين الحوكمة الأمنية.‬‬‬‬

ومن المعروف أن الدول والمنظمات الأممية (مجلس الأمن)، هي مركز السلطة في المجتمع الدولي، وبأن الجماعات المسلحة من الفاعلين من غير الدول لا تتمتع بالشرعية وتخل بالأمن، وتثير الاضطرابات السياسية والصراعات الدموية في المجتمعات، التي تتواجد فيها أو التي يجري استجلابها إليها كما في سوريا.

ولهذا يتأسس الى منهج جديد ونمط من التعامل مع الدول التي لا تندرج في السياق الاميركي، من خلال دفع الجماعات المسلحة بعيداً عن ما هو معروف (المرتزقة)، والتي تخضع للقانون الدولي، بجماعات تدعي الجهاد وتتبنى التكفير والارهاب والقتل، من أجل تحرير هذه البلدان واشاعة الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وهي مفارقة تعد جد غريبة في تاريخ بناء الديمقراطيات فكراً وممارسة.

وهنا تكمن المخادعة والبراغماتية الأميركية، ففي الوقت الذي يجري استخدام هذه المجموعات الارهابية، في اضعاف الدول لحد ايلولتها الى سقوط نظمها السياسية وحكوماتها، تفزع أميركا واخواتها الاوربيات من أن القوى الفاعلة في ساحة هذه البلدان هي جماعات ارهابية ومرتكبه لجرائم بحق الانسانية، مما يستلزم ملاحقتها واخضاعها الى التجريم، والمجيء بشخوص من البلد المستهدف، ممن رضعوا حليب(CIA) وعاشت على فتات أجهزة المخابرات الغربية. ليكونوا أدوات تنفيذ المشروع الأميركي– الاسرائيلي في الشرق الاوسط، من دون أن تتكلف الولايات المتحدة واسرائيل والدول الغربية أية تكاليف، بل على العكس تماماً، أنهم جميعاً سيربحون من تصدير السلاح الذي تتبرع بأمواله دول النفط الخليجية وعلى رأسها السعودية، كما أن التدمير الذي لحق بالعراق من قبل الاحتلال الأميركي وما لحق ب (ليبيا)، وما الحقته الجماعات الارهابية بسوريا من تدمير، ربما يكافئ عدد من الحروب مع اسرائيل، وهو ما تعده اسرائيل ربحاً استراتيجياً مجانياً. مبروك للعرب عروبتهم.

أ.د عبدعلي كاظم المعموري/ مدير مركز حمورابي


اذا لم تظهر لك التعليقات فأعد تحميل الصفحة (F5)

مواضيع أخرى للناشر

5 قواعد استراتيجية لإنتاج العلم والمعرفة

يمضي الطالب الجامعي ما يقارب 20 سنة في التعلّم، ما بين المدرسة والثانوية والجامعة، وأحيانًا تطول أكثر من ذلك بكثير.
......المزيد

6 رؤساء موساد سابقون: "نحن في مرحلة خطرة لمرض خبيث"

مفاضلة الحكام الصهاينة: ضياع القيم بين اللاأخلاقي والاجرامي ابدى ستة رؤساء سابقين لجهاز لموساد الصهيوني قلقهم على مستقبل الكيان الصهيوني
......المزيد

ثقافة الأشهر الثلاثة (رجب، شعبان وشهر رمضان)

تلتقي برامج التثقيف الاسلامي عند محور مركزي يمثل الدورة الثقافية السنوية الأم التي تتفرع عنها وتتماهى معها كل برامج السنة
......المزيد

الشهادة

الإمام والتحرك السياسي: لقد كابد المسلمون عموماً، والعلويون وشيعة آل البيت الويلات جراء الحكم العباسي المتغطرس، فقد قاسوا ظلم المنصور
......المزيد

إمامة الكاظم (عليه السلام): مواجهة منظمة وجهاد مرير وطويل

إمامة "الكاظم" (ع): مواجهة منظمة وجهاد مرير وطويل(1) لقد كانت حياة موسى بن جعفر عليه السلام المليئة بالأحداث؛ حياةً مليئةً
......المزيد

إطلالة عامة على حياة الإمام الكاظم عليه السلام

شخصية الإمام الكاظم عليه السلام: ولد أبو الحسن موسى عليه السلام في الأبواء بين مكة والمدينة في يوم الأحد السابع
......المزيد

رؤية الإمام قدس سره في خصوص تنصيب الولي الفقيه

يظهر من بعض الكتابات الفقهيّة للإمام أنّ الوليّ الفقيه يتمّ تنصيبه من قِبَلِ الشارع المقدّس. حيث يعتقد الإمام أنّ الولاية
......المزيد

الجمع بين رؤيتي الإمام الخميني قدس سره

قد يخطر لبعضٍ، وفي الوهلة الأولى، وجود تناقض بين رؤيتي الإمام المتقدّمتَين. ومن هنا حاول بعض المحقّقين في آثار الإمام
......المزيد