آهاتٌ على مشارفِ الكرخ
وَهَــل خَيرُ شَرعٍ جـاءَ للناسِ يُزدرى | وَزُوراً يَقــودُ الدِّينَ مَـن شَأنُـهُ العُهرُ؟ | |
وَسَــادَت لِئــامٌ واستبــاحَتــكَ زُمــرةٌ | وَجَهراً يُضــامُ العبـدُ قـد باتَ والحُرُّ؟ | |
وأرضُـكَ ضجَّــت هالَــها سَيـفُ ظالـمٍ | كــأنَّ دِمـــــاءَ الأبريــــاءِ بهـــــا بَحــرُ؟ | |
وَجَـارَ بنــو العبــاسِ رَدحــاً وقد طَغَوا | وفيــكَ حُمــاةُ الديـنِ قد حاطَهم مكرُ؟ | |
وأعظــمُ ذنــــبٍ يُستضـامُ بَنـو الهُــدى | وَمَــا كـانَ للأوغـــادِ في ظُلمِهـم عُـذرُ | |
فَمَـــا بَيــنَ مَسمُــــومٍ وَبَيــنَ مُغَيَّـــبٍ | لَـهُ الأرضُ فَـرشٌ والسَّمـــاءُ لَــهُ سِترُ | |
وَمَجهــولِ قَدرٍ يُودَعُ السِّجنَ مُوثَقـاً |
وَيُوثِقُــهُ بالقَيــدِ مَـــنْ دِينُـــهُ الكُفــرُ | |
هُـداةُ الوَرى ظُلــمٌ وحَيــفٌ أَصابَهُم | وَهُـم كَهـفُ مظلـومٍ إذا سَامَهُ الدَّهرُ | |
أئِمَّــــةُ حَـــقٍ والوَقـــــارُ دِثــارُهُــم | صِفاتٌ لهُم قد فاحَ في ذكرِها عِطرُ | |
وُجُـــوهٌ لَهُــم بالنــورِ شعَّــت كأنَّــها | كواكبُ ذي العليـاءِ والأنجــمُ الزُهرُ | |
فكـانـــوا بِصــدقٍ للقُلــوبِ أَئِــمَّـــةً | وَفَضلٌ لَهُم قد جاءَ في نصِّهِ الذكرُ | |
وفي العلــمِ حَازوا في مَراقيـــهِ رُتبـةً | َتَحــارُ بِــهِ الأقــلامُ مــا ضمَّــهُ سِفــرُ | |
أضاؤوا بنـــورِ العِلــــمِ كــلَّ غياهــبٍ | وَفِكـــرُهُمُ الوَّضــاءُ مــا حاطَــهُ فِكرُ | |
هُمُ القَدرُ والأَعرافُ والنَّجمُ والضُّحى | وَمِنهُم يُحــازُ الدِّيــنُ والنَّهــي والأمرُ | |
الى الروحِ والريحانِ يَمضي مُحبُّهُـم |
وشانِئُـهُم فـي القبــرِ ساعاتُــه عُسـرُ | |
دَهَتهُــم رزايـــا هوَّنُـوهــا بصبرِهِــم | وَسِيرَتُــهُـم ما زالَ مِـن صِيتـها نَشرُ | |
وأضحــت كتابــــاً يَقتنــيهِ مُريــدُهُ |
دروسـاً من الأخـلاقِ عِنوانُها الصَّبرُ | |
ويَا كَــرخُ أخبرنـي وَحَسبُـــكَ شَاهِـداً |
زمـــانٌ بِــهِ الأطهـــارُ قـد مسَّهُــم ضُرُّ | |
فَهَل كاظِـــمُ الغَيــضِ الحَليـمُ بِغُربـــةٍ | لِعَشرٍ بِسِجنِ الرِّجسِ مِن بعدِها عَشرُ؟ | |
وَقُلْ لي أيَقضي وارثُ العِلمِ والحِجا | رَهِينَ سُجُـونٍ والأَسى مَا لَــهُ حَصرُ؟ | |
وَيُمسي بعيـدَ الدارِ عــن أرضِ طَيبةٍ | وَشَــوقٌ لَه في الصَّدرِ ما بثَّه الصَّدرُ؟ | |
وَسَـاقٌ لِموسـى الطُّهــر بالقَيـدِ أوثِقـت | ورُضَّـت وقلــبُ الدِّيـنِ مِن رضِّهِا جَمرُ؟ | |
ويُسـقـى نقيــعَ السُّـــمِّ غــدراً وَغِيــلةً | وَأوداجُــــهُ ذابَــــت وَدَمـــعٌ لَـــهُ قَطرُ؟ | |
وَنَعــشٌ لَــهُ قــد شِــيلَ يَبغــونَ ذُلَّــهُ | أرادوا لَــهُ هُــوناً وَصَـــوتٌ لَهُــم جَهرُ؟ | |
نِـــداءٌ عَـــلا هـــذا إمـــــامُ روافــضٍ | وَيَـا ليــتَ بغــداداً بهــذا النِّــدا قَفــرُ؟ | |
وَيَــا وَيــحَ مَــن آذى وَريـثَ مُحمَّـــدٍ | لَــهُ العَـارُ يَـوم الحَشرِ والإثــمُ والوزرُ | |
بَكتــهُ بُحُـــورٌ والفيافــي ووحشُـــها | وَأَسرابُ أَطيـارٍ كَما قَـد بكى الصَّخرُ | |
ستبقــى على مَـرِّ السِّنينِ دُمــوعُــنا | تَسيلُ كمـــا سَالــت دِمَـــاءٌ لَــهُ حُمرُ | |
لِحَامــلِ سِــرِّ الديــنِ نُدمـي مَحاجراً | وَسَيـلُ دُمُــوعِ العيـنِ في فقـدهِ نَهرُ | |
وَنَرثيــهِ شِعــراً في قَــوافٍ حزيــنةٍ | وآهاتـنا في الصِّـدرِ مَــا بقـيَ الدهرُ | |
نَظَمنا بُحــورَ الشِّعــرِ فيـهِ قصائـداً | ولم يُطـفِ نارَ الوَجـدِ شِعـرٌ ولا نثرُ | |