النظر الى العراق بعيون الوحش..!

  • نشره :

  • 09 - 11 - 2013
  • 5324
قاسم العجرش ليس بدعا أن نقول بأن الملمح الأبرز بين ملامح مرحلتنا السياسية الراهنة، هو أن القوى السياسية كلها تقريبا، تتحدث عن أشياء لا تؤمن بها، أو على الأقل لا تتفاعل معها بشكل حقيقي. ويبدو هذا واضحا في غياب الأطروحة... لكن المأزق الأكبر الذي وجدت القوى السياسية نفسها فيه ـ ونقصد كل القوى السياسية بضمنها غير المشاركة بالعملية السياسية، هو أن حدا أدنى من المشتركات مفقود، وإذا وجد هذا المشترك بين قوتين، فإنه لا يتوقع أن يكون موجود بين ثلاثة قوى.. كما أن وجود المشترك بين قوتين مثلا، لا يتوقع ديمومته، إذ سرعان ما يجري هدمه أو نقضه، بسبب إنعدام ثقافة تطوير المشتركات وحمايتها.. عدم وجود ثقافة المشتركات ظاهرة واسعة، علامتها الأبرز، تحلل التحالفات السياسية ،وغياب الإنسجام داخلها..وهو مرض تعاني منه كل التحالفات، ولا يقتصر على تحالف بعينه.. إن السبب الحقيقي وراء ذلك، هو أن المشترك الوطني لم يرق بعد لدى القوى السياسية، الى مستوى أن يتحول الى ثابت مقدس لا يمكن المساس به..فبقي في داخل عقول بعض المخلصين من الساسة، يتحدثون عنه وبه بين الفينة والأخرى على إستحياء، لأن حديث الذات والفئة والطائفة والجماعة والحزب غلب على حديث الوطن...بيد أن المشترك الوطني بقي حاضرا في وجدان العراقيين، وتلك هي المفارقة التي تثبت أن الشعب متقدم على الساسة وطنيا... إن ما يجري اليوم من تدهور خطير في الوضع الأمني، أوصل البلاد الى حافة الإنهيار والسقوط في غيابة جب مجهول القعر، يدعونا لأن نعيد الى دائرة الوعي، مقولة إن القادة السياسيين هم أدوات العملية السياسية ومحركوها، و لذا وعلى وقع الوضع الراهن، هم مطالبون اليوم بفهم واقعهم بعيدا عن الرغائبية بكل أشكالها ودوافعها، وهم مطالبون بأن يتعرفوا على فلسفة بناء دولتهم، وأن يفهموا الخصوصية العراقية، وأن يعوا طبيعة التشكل التاريخي والسياسي والاجتماعي للعراق، بعد أن يدققوا في المحددات والتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. إن العراقيين لديهم من الثقة ببلدهم وبأنفسهم، ما يعينهم على تلمس مواقع أقدامهم، في عالم متغير مضطرب، تسوده رغبات الوحش الأمريكي وفوضاه الخلاقة!  لكنهم وبكل أسف؛ ليس لديهم ثقة راسخة بقدرة القادة السياسيين، بصناعة معجزة تقضي على دوامة القتل اليومي، في ظل شبكة معقدة من التحديات والتعقيدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، التي إستخدمها أعداء العراق بوضع السكين على رقبته دائما..  إن بلدنا يعيش جملة تحديات مركبة، بعضها ناجم عن عوامل داخلية، متعلقة بقدراتنا ومواردنا وسياساتنا وثقافتنا ومنهجنا في التفكير والسلوك والإدارة، وبعضها خارجي ليس لنا يد في صناعته، لكن علينا واجب التعاطي معه والتقليل من سلبياته. كلام قبل السلام: بعض من الذين يعدّون أنفسهم نخبا سياسية، ينظرون للشؤون العراقية بعيون الوحش إياه، فبدوا وكأنهم لا يعرفون العراق ! سلام..

 


اذا لم تظهر لك التعليقات فأعد تحميل الصفحة (F5)

مواضيع أخرى للناشر

دين التعارف والتآلف والتكاتف

الشيخ إسماعيل حريري (*) قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾(الحجرات: 13). وقال
......المزيد

نصوص تراثية: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ

ومتى رأيت من أهل عقيدتك وعقيدة آبائك الطاهرين مَن تعتقد له شرفاً بولاية ومعونة أحدٍ من الظالمين، فينبغي أن تعرف
......المزيد

مع الإمام الخامنئي: طُلاب المُثُل العليا(*)

إن الحضور الحيويّ للشباب المفعَم بالنشاط والاندفاع في شتّى قضايا البلاد من المسائل بالغة الأهميّة على مستوى البلاد.ولقد تكرّر سؤال
......المزيد

نور روح الله: هذا أنتَ فعلامَ الكِبر؟!

الكِبر عبارة عن حالة نفسيّة تجعل الإنسان يترفّع ويتعالى على الآخرين، وهو من أخلاق الشيطان الخاصّة، فقد تكبّر على آدم،
......المزيد

هكذا تنمو الأخلاق

د. محمد رضا فضل الله يظهر من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق"(1)أنّ الدعوة
......المزيد

خدعة وجود المرآة في المصاعد الكهربائيّة

يتمّ وضع مرآة في المصاعد الكهربائيّة لأنّها تعمل كخدعة لتسهيل الانتظار على مستخدمي المصاعد، وصرْف انتباههم إلى شيء آخر حتّى
......المزيد

الفطور الصباحيّ سرّ النجاح

أفاد خبراء الحِميات الغذائيّة في بريطانيا أنّهم اكتشفوا وجود علاقة مباشرة بين تناول التلميذ وجبة الفطور ومستوى نجاحه في الدراسة.
......المزيد

لا تَنَمْ كثيراً أيام العطلة!

لا يشبع كثير من الأشخاص من النوم في أثناء أيام العمل فيحاولون التعويض عن ذلك النقص بزيادة ساعات النوم يومي
......المزيد