شوبنهاور.. الحياة .. شر (الحلقة الخامسة)
أولا : مادام الوجود عبارة عن "إرادة" فلازم تكون الحياة شر ؛ لأنو الإرادة معناهه الحاجة ، وحاجات الإنسان ممدودة مامحدودة ، وبالتالي كلما تحققت رغبة للإنسان راح تنشأ وراهه رغبات أخرى ، وهاي الرغبات المستمرة معناهه إنو الإنسان راح يبقى يشعر بالحاجة والنقص طول عمره ، فما دام الإنسان متعلق بهاي الرغبة أو ذيچ ، فماراح يشعر بالراحة والسلام نهائيا ..
ثانيا : إن بلوغ الهدف لا يستتبع الرضى والسلام ؛ يعني مثلا لو چنت تعتقد إنو أنت إذا فزت بالمسابقة راح تكون أسعد إنسان ، هنا "شوبنهاور" يگول : إذا فزت بالمسابقة راح تفرح شوية ، وراهه راح ترجع كما كنت تبحث عن مسابقة أخرى تلهي روحك بيهه ، وتتمنى لو أنك لم تصل إلى هدفك ، وكما يقول الأديب "سعدي ماعون" : ( السعادة تكمن في الطريق إلى الهدف ؛ وليس في الوصول اليه ) ..
ثالثا :كل إنسان عنده خزان من الألم ، هذا الخزان مستحيل يفرغ بيوم من الايام ، ومستحيل ينحط بيه ألم أكثر من حجمه ، فإذا انزاح بعض الألم عن الخزان ، رأسا يجي ألم آخر بمقدار ما إنزاح منه ليحل محله ، فالألم محيط بالانسان من كل جهة ..
رابعا : الحياة شر ؛ لأن الألم هو حقيقة وجوهر الحياة ؛ يعني لو سألنا "شوبنهاور" : ما هي الحياة ؟ لأجاب : ( الحياة هي ألم ) ، وأما اللذة فهي غياب هذا الألم واختفاءه ؛ يعني عندما تشعر بألم في رأسك مثلا وبعد مدة يزول الألم ، راح تشعر بلذة كبيرة ، هاي اللذة مو حقيقية ؛ يعني مالهه وجود ؛ وإنما هاي اللذة اللي شعرت بيهه هي عبارة عن غياب وجع الرأس ؛ فوجع الراس هو الحقيقي وليس اللذة الناتجة من إختفاءه ، ولذلك ينقل عن "ارسطو" أنه قال : ( إنه لا ينبغي للحكيم أن ينشد اللذة ؛ وحسبه أن يتخلص من الألم والشقاء ) ..
خامسا : حتى لو سمحت الحياة للإنسان ببعض الراحة ، فإنه راح يشعر فورا بالملل والسأم ، فالإنسان إذا چان متألم مامرتاح ، وإذا چان غير متألم همينه مامرتاح ؛ فالحياة عبارة عن أحد أمرين : لو ألم لو سأم ، وإثنينهن متعبات للانسان ، والإنسان إخترع جهنم من ألمه ، واخترع الجنة من سأمه ..
سادسا : الحياة شر ؛ لأنه كلما إرتفع وعي الكائن الحي ، إرتفع معه شقاؤه وألمه ، فمثلا النبات ما يشعر بالألم لأنه ماعنده وعي ، وبعض الحيوانات تشعر بألم قليل بسبب وجود نسبة ضئيلة من الوعي عدهه ، بينما يبلغ الألم والشقاء منتهاه في الإنسان ؛ لأنو الإنسان عنده درجة عالية من الوعي ..
-هل أن كل انسان يشعر بمقدار واحد بالألم ؟
-لا مو كل إنسان يشعر بمقدار متساوي من الألم ؛ الأمر يعتمد على الوعي والذكاء ؛ فكلما كان الإنسان غبيا ، كان أقرب إلى السعادة ، وكلما كان الإنسان ذكيا ، كان أقرب إلى الشقاء والتعاسة ، وكما يقول الشاعر : ( ذُو العَقْلِ يَشْقَى فِيْ النَّعيم بِعَقْلِهِ *** وأَخُو الجَهَالَةِ فِيْ الشَّقَاوةِ يَنْعَمُ ) ..
سابعا : إللي يخلي الإنسان يتألم أكثر هو التفكير بالماضي ، أو توقع مايحدث في المستقبل ، وأما الحاضر فألمه قصير ؛ فالإنسان يتألم من "فكرة" الموت أكثر من الموت نفسه ..
ثامنا : الحياة شر ؛ لأنها عبارة عن صراع من أجل البقاء ، فتشوف جميع الكائنات الحية من أبسط الحشرات إلى الإنسان ، كلمن يجر النار إلى قرصه ، وكل واحد يحاول أن يقصي الآخر علمود يحصل الشي اللي يريده ، فهي حياة كلها جهاد وحرب لأجل البقاء ..
تاسعا : نحن تعساء إذا تزوجنا ، تعساء إذا لم نتزوج ، تعساء إذا إعتزلنا الناس ، تعساء إن خالطناهم ، مخلص الحچي : الحياة عبارة عن ألم في ألم ومابيهه كل لذة ..
-زين ، شنو رأيه ببعض الناس المتفائلين ؟
-يگول "شوبنهاور" : هذا المتفائل خلي يروح للمستشفيات ويشوف المرضى شلون جاي يعانون ، وخلي يروح للسجون ويشوف معاناة المساجين ، وخلي يروح للحروب ويشوف الجثث المتناثرة والاشلاء المقطعة ، وخلي يروح للبيوت مال التجاوز ويشوف الناس شلون گامت تاكل من الزبالة ، ،وخلي يروح يسأل عن عدد الخريجين العاطلين عن العمل ويشوف مأساتهم في البحث عن لقمة الخبز ، وخلي يروح يشوف شگد عدد الأرامل والأيتام اللي مالهم معين غير الله ، وبعدين شوفوه هذا المتفائل راح يبقى على تفائله لو راح يصير متشائم أكثر مني ؟!!
عاشرا : الحياة شر ؛ لأنو الأرض بيهه كوارث ساعة الساعة تگب علينه وتمحينه من الوجود كالزلازل والبراكين والفيضانات ..
أحد عشر : يتونس الإنسان من عمر ٣٦ وليجوه ، وأما بعد ال٣٦ يبدي الإنسان يتهربد ويفقد قوته ويطيح حظه ، هنه ذني ال٣٦ سنة القصيرات شوية يتمتع بيهن الإنسان ، وبعدهه تلزمه الأمراض : ضغط وسكر وقلب وتشنجات وتجاعيد ومفاصل وغيرها ، والغريب إنو الإنسان عندما يصير شايب تتحول تجاربه وخبراته إلى حكمة ؛ ولكن مع الأسف هاي الحكمة مابيهه فايدة ؛ لأنو عمر الإنسان شارف على الانتهاء ..
إثنا عشر : الحياة شر ؛ لأنو الإنسان بسبب الألم يختلق أمور عجيبة غريبة -حسب شوبنهاور- ؛ فلكي يتخلص الإنسان من الشعور بالخوف من الموت فأما يخترعله دين ويبقى متمسك بيه ، وأما يتسودن ويصيبه الجنون ، وكلا الأمرين يعتبران هروب من الواقع ..
ثلاثة عشر : آخر شي يفكر بيه الإنسان للهروب من ألم الحياة هو الإنتحار ، فالإنتحار يعتبر رفض ومقاومة للحياة اللي فرضتهه الإرادة ، فالشخص اللي ينتحر يعتبر منتصر على الإرادة ؛ ولكن هذا الانتصار فردي شخصي ؛ يعني الإرادة ماراح تتأثر بإنتحار شخص واحد أو إثنين ؛ مادام النوع الإنساني مازال مستمرا ، فالإرادة تضحك وتستهزيء بالمنتحر ولسان حالهه يگول : طبك طوب ، موتت أهل البله ، يروح واحد يجي الف واحد بمكانه ..
والحمد لله ..
الفيلسوف_شوبنهاور ( الحلقة الخامسة )
باسم_الشبلاوي