شوبنهاور.. الحياة .. شر (الحلقة الخامسة)

  • 25 - 06 - 2021
  • 3755
يعتقد الفيلسوف "شوبنهاور" إنو الحياة عبارة عن شر مطلق ومابيهه كل خير ، للأسباب التالية :

أولا : مادام الوجود عبارة عن "إرادة" فلازم تكون الحياة شر ؛ لأنو الإرادة معناهه الحاجة ، وحاجات الإنسان ممدودة مامحدودة ، وبالتالي كلما تحققت رغبة للإنسان راح تنشأ وراهه رغبات أخرى ، وهاي الرغبات المستمرة معناهه إنو الإنسان راح يبقى يشعر بالحاجة والنقص طول عمره ، فما دام الإنسان متعلق بهاي الرغبة أو ذيچ ، فماراح يشعر بالراحة والسلام نهائيا ..

ثانيا : إن بلوغ الهدف لا يستتبع الرضى والسلام ؛ يعني مثلا لو چنت تعتقد إنو أنت إذا فزت بالمسابقة راح تكون أسعد إنسان ، هنا "شوبنهاور" يگول : إذا فزت بالمسابقة راح تفرح شوية ، وراهه راح ترجع كما كنت تبحث عن مسابقة أخرى تلهي روحك بيهه ، وتتمنى لو أنك لم تصل إلى هدفك ، وكما يقول الأديب "سعدي ماعون" : ( السعادة تكمن في الطريق إلى الهدف ؛ وليس في الوصول اليه ) ..

ثالثا :كل إنسان عنده خزان من الألم ، هذا الخزان مستحيل يفرغ بيوم من الايام ، ومستحيل ينحط بيه ألم أكثر من حجمه ، فإذا انزاح بعض الألم عن الخزان ، رأسا يجي ألم آخر بمقدار ما إنزاح منه ليحل محله ، فالألم محيط بالانسان من كل جهة ..

رابعا : الحياة شر ؛ لأن الألم هو حقيقة وجوهر الحياة ؛ يعني لو سألنا "شوبنهاور" : ما هي الحياة ؟ لأجاب : ( الحياة هي ألم ) ، وأما اللذة فهي غياب هذا الألم واختفاءه ؛ يعني عندما تشعر بألم في رأسك مثلا وبعد مدة يزول الألم ، راح تشعر بلذة كبيرة ، هاي اللذة مو حقيقية ؛ يعني مالهه وجود ؛ وإنما هاي اللذة اللي شعرت بيهه هي عبارة عن غياب وجع الرأس ؛ فوجع الراس هو الحقيقي وليس اللذة الناتجة من إختفاءه ، ولذلك ينقل عن "ارسطو" أنه قال : ( إنه لا ينبغي للحكيم أن ينشد اللذة ؛ وحسبه أن يتخلص من الألم والشقاء ) ..

خامسا : حتى لو سمحت الحياة للإنسان ببعض الراحة ، فإنه راح يشعر فورا بالملل والسأم ، فالإنسان إذا چان متألم مامرتاح ، وإذا چان غير متألم همينه مامرتاح ؛ فالحياة عبارة عن أحد أمرين : لو ألم لو سأم ، وإثنينهن متعبات للانسان ، والإنسان إخترع جهنم من ألمه ، واخترع الجنة من سأمه ..

سادسا : الحياة شر ؛ لأنه كلما إرتفع وعي الكائن الحي ، إرتفع معه شقاؤه وألمه ، فمثلا النبات ما يشعر بالألم لأنه ماعنده وعي ، وبعض الحيوانات تشعر بألم قليل بسبب وجود نسبة ضئيلة من الوعي عدهه ، بينما يبلغ الألم والشقاء منتهاه في الإنسان ؛ لأنو الإنسان عنده درجة عالية من الوعي ..
-هل أن كل انسان يشعر بمقدار واحد بالألم ؟
-لا مو كل إنسان يشعر بمقدار متساوي من الألم ؛ الأمر يعتمد على الوعي والذكاء ؛ فكلما كان الإنسان غبيا ، كان أقرب إلى السعادة ، وكلما كان الإنسان ذكيا ، كان أقرب إلى الشقاء والتعاسة ، وكما يقول الشاعر : ( ذُو العَقْلِ يَشْقَى فِيْ النَّعيم بِعَقْلِهِ *** وأَخُو الجَهَالَةِ فِيْ الشَّقَاوةِ يَنْعَمُ ) ..

سابعا : إللي يخلي الإنسان يتألم أكثر هو التفكير بالماضي ، أو توقع مايحدث في المستقبل ، وأما الحاضر فألمه قصير ؛ فالإنسان يتألم من "فكرة" الموت أكثر من الموت نفسه ..

ثامنا : الحياة شر ؛ لأنها عبارة عن صراع من أجل البقاء ، فتشوف جميع الكائنات الحية من أبسط الحشرات إلى الإنسان ، كلمن يجر النار إلى قرصه ، وكل واحد يحاول أن يقصي الآخر علمود يحصل الشي اللي يريده ، فهي حياة كلها جهاد وحرب لأجل البقاء ..

تاسعا : نحن تعساء إذا تزوجنا ، تعساء إذا لم نتزوج ، تعساء إذا إعتزلنا الناس ، تعساء إن خالطناهم ، مخلص الحچي : الحياة عبارة عن ألم في ألم ومابيهه كل لذة ..
-زين ، شنو رأيه ببعض الناس المتفائلين ؟
-يگول "شوبنهاور" : هذا المتفائل خلي يروح للمستشفيات ويشوف المرضى شلون جاي يعانون ، وخلي يروح للسجون ويشوف معاناة المساجين ، وخلي يروح للحروب ويشوف الجثث المتناثرة والاشلاء المقطعة ، وخلي يروح للبيوت مال التجاوز ويشوف الناس شلون گامت تاكل من الزبالة ، ،وخلي يروح يسأل عن عدد الخريجين العاطلين عن العمل ويشوف مأساتهم في البحث عن لقمة الخبز ، وخلي يروح يشوف شگد عدد الأرامل والأيتام اللي مالهم معين غير الله ، وبعدين شوفوه هذا المتفائل راح يبقى على تفائله لو راح يصير متشائم أكثر مني ؟!! 

عاشرا : الحياة شر ؛ لأنو الأرض بيهه كوارث ساعة الساعة تگب علينه وتمحينه من الوجود كالزلازل والبراكين والفيضانات ..

أحد عشر : يتونس الإنسان من عمر ٣٦ وليجوه ، وأما بعد ال٣٦ يبدي الإنسان يتهربد ويفقد قوته ويطيح حظه ، هنه ذني ال٣٦ سنة القصيرات شوية يتمتع بيهن الإنسان ، وبعدهه تلزمه الأمراض : ضغط وسكر وقلب وتشنجات وتجاعيد ومفاصل وغيرها ، والغريب إنو الإنسان عندما يصير شايب تتحول تجاربه وخبراته إلى حكمة ؛ ولكن مع الأسف هاي الحكمة مابيهه فايدة ؛ لأنو عمر الإنسان شارف على الانتهاء ..

إثنا عشر : الحياة شر ؛ لأنو الإنسان بسبب الألم يختلق أمور عجيبة غريبة -حسب شوبنهاور- ؛ فلكي يتخلص الإنسان من الشعور بالخوف من الموت فأما يخترعله دين ويبقى متمسك بيه ، وأما يتسودن ويصيبه الجنون ، وكلا الأمرين يعتبران هروب من الواقع ..

ثلاثة عشر : آخر شي يفكر بيه الإنسان للهروب من ألم الحياة هو الإنتحار ، فالإنتحار يعتبر رفض ومقاومة للحياة اللي فرضتهه الإرادة ، فالشخص اللي ينتحر يعتبر منتصر على الإرادة ؛ ولكن هذا الانتصار فردي شخصي ؛ يعني الإرادة ماراح تتأثر بإنتحار شخص واحد أو إثنين ؛ مادام النوع الإنساني مازال مستمرا ، فالإرادة تضحك وتستهزيء بالمنتحر ولسان حالهه يگول : طبك طوب ، موتت أهل البله ، يروح واحد يجي الف واحد بمكانه ..

والحمد لله ..

الفيلسوف_شوبنهاور ( الحلقة الخامسة )

باسم_الشبلاوي


اذا لم تظهر لك التعليقات فأعد تحميل الصفحة (F5)

مواضيع أخرى للناشر

عامل النظافة

جاي أفتر بالسيارة وصادفت بطريقي واحد من عمال النظافة وهو يقوم بعمله في تنظيف الشارع العام، أوقفت السيارة على جانب
......المزيد

إعادة المعدوم... ممكنة لو مستحيلة؟؟؟

-اكو بحث مطروح بين الفلاسفة والمتكلمين (علماء العقائد) ، وهو : هل يمكن ان يعاد الشي المعدوم ام لا يمكن
......المزيد

(البحت)

يسولفون على وحده زعلت ويه رجلها ..راد منها الزلمة يمعودة اتعوذي الشيطان گول ما رضت تبقه ومن الصبح صرت اهديماتها
......المزيد

تجربة سجن ستانفورد

من أغرب التجارب في التاريخ في دراسة أثارت جدلا واسعا،
......المزيد

الوجود.. والماهية ؟؟!!

-كل شي بالدنيا إله جهتين : وجود وماهية ، مثلا السماء إلهه وجود وإلهه ماهية
......المزيد

العود.. الابدي عند نيتشة (الحلقة السادسة)

نيتشه عنده فكرة مهمة في فلسفته إسمها "العود الابدي" .. -شتگول هاي الفكرة ؟
......المزيد

نيتشة والسلطة (الحلقة الخامسة)

-يگول نيتشه : يجب أن يكون الحكم والسلطة بيد الطبقة الارستقراطية
......المزيد

مات الإله.. عند نيتشة (الحلقة الرابعة)

إنتقد نيتشه الدين بصورة عامة ، وإنتقد الدين المسيحي بصورة خاصة ..
......المزيد