نصوص تراثية: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ

وما أقبح ما يأتي أحد من ذريّة سيّد الأنبياء في يوم الجزاء، ويكون الغرباء أقرب إلى جدّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم منه، والعوام قد أقبل عليهم وهو معرض عنه، والغلمان له قد صاروا ملوكاً بالطاعة، والأبناء له قد صاروا مضحكة للشيطان بالإضاعة، وقد نادى بينهم المنادي وهم يسمعون﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ﴾ (الصافات: 61).*بأيّ عين أنظر إلى جدّك؟
واعلم يا ولدي محمّد حفظ الله جلّ جلاله عليك دينك ودنياك وكمّل يقينك وتولّاك، أنه لو كان قد عرض لي عمري كلّه مرض الجنون أو البرص والجذام، كان أسهل من الابتلاء بولايات أُشوّه بها بياض وجوه الإسلام، وأهدم بها شيئاً ممّا بناه الأنبياء وجدّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وأكون عاراً عليه، وأشمت أعداء دينه بإساءة سمعتي وسمعته والمساعدة عليه، ويقولون أو يتوهّمون أنه لولا أنّ دين جدّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم كان على هذه الصفات من الولايات، وما يشتمل عليه من الهزل واللعب والمجاهرة بالمحرّمات، وإلّا ما كان فلان ولده المظهر لناموس الدين قد دخل مع الولاة، وسلك سبيلهم في التهوين بمراسم جدّه وآبائه الماضين وفرح بالعكس عليه وأن ينسب سوء السريرة إليه. فكيف تكون مصيبتي وندامتي عند سكرات الموت؟ وكيف كانت تكون مواقفتي ومحاسبتي وجهالتي وذلّتي يوم الحساب؟ وبأيّ عين كنتُ أنظر إلى جدّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والسلف الأبرار؟ وبأيّ وجه كنتُ ألقاهم وقد كنتُ عليهم من أعظم العار؟*القتل المعجّل أهون
ولو رحموني مثلاً يوم الحساب وشفعوا في تخليصي من العقاب، كنتُ قد بذلت وجوههم الشريفة المصونة بالسؤال لكلّ من أظلمه بالولايات في أن يستوهبوا لي تلك الظلامات. وما كان جزاء جدّك محمّد صلى الله عليه وآله وسلم منّي على هدايته ونبوّته وشفاعته وإحسانه أن أُصغّر من شأنه، وأن أشرع في هدم بنيانه، وأن أخجله وأنا ولده بالردّ لمقدّس قرآنه وتقبيح ذكر مرسله وسلطانه.القتل المعجّل أي ولدي محمّد أسهل من ذلك وأجمل، وتلك الأمراض من البرص والجذام والجنون إن ينقضي بالموت فيهون، ويكون الثواب منها والعوض عنها قرّة للعيون وصحبة ملوك الآخرة، والولايات الباقية الباهرة، ولبس خلع رضاء جبّار الجبابرة، وطيب لقاء سلفك من العترة الطاهرة إذا اجتمع الأوّلون والآخرون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
(*) كشف المحجّة لثمرة المهجة، السيّد رضيّ الدين ابن طاووس.