محمد باقر الصدر (قدس سره)
سيرته طويلة حافلة بكل ما يقرب الأنسان من خالقه.. وقد شهد له كبار العلماء بذلك النبوغ الفكري. قاوم المدّ البعثي وقبله الشيوعي وتصدى بالرد المنطقي السليم وبالعلم الذي ألهمه الله به فكان بالغ الحجة والدليل وكان ملهماً عظيماً..
لا نخوض هنا في انجازاته العلمية الكثيرة فلها المتخصصون بها بل كل ما أفكر فيه أنه كأنسان مؤمن كان ثابث اليقين غير متردد في قول الحق ونكران الباطل ومناهضته له ولم يعمل بالتقية لدرء الموت الذي كان يحيق به اذبان الحكم العفلقي البعثي, لا بل وأصر وعمل على ما يمليه عليه ضميره وعقله الواعي المدرك لحجم المأساة التي حلت بالعراق إبان تسنم البعث لزمام ومقاليد الحكم في هذا البلد الثري بالعلم والعلماء وبكل الطاقات الزاخرة.
أراد أن تكون كلمته ثورة وجسده قربانا لها كما فعل جده الحسين (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) كان حاضراً في فكره وكان هو الجذوة التي تشعل لهيب الثورة في روحه المقدسة..
ومع هذا فأنه كان مدركاً لما حوله ويعي تماما مدى قلة النصيرمن خلال مقولة له ((إنّ إقامة الحقّ والعدل وتحمّل مشاقّ البناء الصالح بحاجة إلى دوافع تنبع من الشعور بالمسؤوليّة والإحساس بالواجب. وهذه الدوافع تواجه دائماً عقبة تحول دون تكوّنها أو نموّها. وهذه العقبة هي الانشداد إلى الدنيا وزينتها والتعلّق بالحياة على هذه الأرض مهما كان شكلها ))
كان بحاجة لرجال مؤمنين لهم نفس القدر من الوعي والإيمان الذي يحمله هو بين جنباته فأنّى له ذلك.. فقد كان المحيط به متعلقاً بالدنيا إلا القليل والقليل في زمن القوة والبطش وانعدام الرحمة لا يجدي ولا يحقق الأهداف ..
في طريق (الصدر) أريقت دماء وأزهقت أرواح سعت وجاهدت لتحقيق الهدف المنشود لكنها لم تكد تشكل تلك الظاهرة الواعية المطلوبة في المجتمع لأنها كانت تواجه بإعلام مضاد وغسل لأدمغة وعقول الناس وإشغالهم بحروب لا نهاية لها لذا كان الشباب الواعي يُقتل في الجبهة أو يعدم بالمقصلة والتيزاب وبشتى الطرق المرعبة للحيلولة دون نجاح النموذج الذي أراد السيد محمد باقرالصدر صنعهُ.
لذلك ولغيره فشلت كل المحاولات في ذلك الوقت والى الآن في إنجاح ذلك النموذج الحسيني, الصدري, الواعي والمثقف والزاهد بالدنيا وزخرفها المؤتزر بإرادة السيد الصدر وعلمه وثقافته من أجل إقامة دولة الحق والعدل ونصرة الفقراء والمظلومين..
فأنّى لنا ونحن الذين لم تعرض علينا دنيا هارون حتى أن نسلك دربك المليء بالأشواك والمحن.. أيها السيد الشهيد
رحمك الله ورحمنا بعدك بحسن التدبر والعمل
ربنا اغفر لنا..
طالب الخرسان
بغداد 9/4/2021