المرأة الرسالية

أو القيامِ بالتّكاليفِ الشرعيةِ، أو أداءِ وظيفةِ الأمر بالمعروفِ والنهي عنِ المنكر، وعليهِ فإن النّصوصَ الإسلاميةَ فتحتِ الطريقَ أمام المرأةِ للقيامِ بأدوارٍ مهمةٍ في مسيرةِ الإسلامِ الإصلاحيةِ، وحركةُ الإمامِ المهدي ليست إستثناءً عنِ المسارِ العام لحركةِ الإسلام، بل هي حركةٌ شاملةٌ تستهدفُ الإصلاح في جميع مناحي الحياة، فمنَ الطبيعي أن يكونَ للمرأةِ دورٌ محوري بوصفِها ركناً أصيلاً لإقامةِ أيّ مجتمعٍ إيماني، وقَد حدّثنا القرآنُ عَن مهام صعبةٍ وأدوار قياديةٍ للمرأةِ كما هوَ حالُ مريمَ بنتِ عمران، التي واجهَت صلفَ بني إسرائيلَ وتشكيكاتِهم وعملَت على حمايةِ رسالةِ اللهِ المُتمثلةِ في النّبيّ عيسى (عليه السلام) فعملَت على حفظِه والدّفاعِ عنه وتحمّلت في ذلك ما لا يتحملُه الرجالُ، وهكذا لعبت المرأةُ بشكلٍ عامٍّ أدواراً محوريّةً في حركةِ الأنبياءِ، وقَد سجّلَ التّاريخُ الإسلاميُّ بشكلٍ خاصٍّ أدواراً محوريّةً للمرأةِ مثلَ دورِ خديجةَ بنتِ خويلد معَ رسولِ الله، وفاطمةَ الزّهراء مع الإمامِ عليّ، والسّيّدةِ زينبَ معَ الحُسينِ (عليهم السّلام) وبالتّالي لا مانعَ مِن وجودِ نساءٍ في حركةِ الإمامِ المهديّ يقُمنَ بأدوارٍ مشابهةٍ لتلكَ الأدوار.
وقد جاءَت بعضُ الأخبار بما يُؤكّدُ الدّورَ القياديَّ للمرأةِ في نهضةِ الإمامِ المهديّ (عجّلَ اللهُ فرجَه)، حيثُ نصَّت تلكَ الرّواياتُ على وجودِ أعدادٍ منَ النّساءِ ضمنَ عدّةِ الثّلاثمئةِ والثّلاثِ عشرَ الذينَ هُم قياداتُ النّهضةِ المهدويّة، فعن جابر الجعفيّ عنِ الإمامِ الباقرِ (ع) يقولُ: "ويجتمعُ لهُ بمكّةَ ثلاثمائةٌ وبضعةُ عشرَ كعدّةِ أصحابِ بدر، وفيهم خمسونَ إمرأةً مِن غيرِ ميعادٍ يجتمعونَ قزعاً كقزعِ الخريفِ فيُبايعونَه"، ومنَ المُؤكّدِ أنَّ هؤلاءِ هُم خُلّصُ أصحابِه وأنصاره، والمُعتمدُ عليهم في نهضتِه، والمُعوّلُ عليهم في إدارةِ حكومتِه.
والذي يُؤكّدُ مكانةَ هؤلاءِ ما جاءَ في حقِّهم مِن فضلٍ ومنزلةٍ، فعَن حُذيفةَ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) يقولُ: "إِذَا كَانَ عِندَ خُرُوجِ القَائِمِ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَيُّهَا النَّاسُ قُطِعَ عَنكُم مُدَّةُ الجَبَّارِينَ وَوُلِّيَ الأَمرَ خَيرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَالحَقُوا بِمَكَّةَ فَيَخرُجُ النُّجَبَاءُ مِن مِصرَ وَالأَبدَالُ مِنَ الشَّامِ وَعَصَائِبُ العِرَاق رُهبَانٌ بِاللَّيلِ لُيُوثٌ بِالنَّهَار كَأَنَّ قُلُوبَهُم زُبَرُ الحَدِيدِ فُيَبَايِعُونَهُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقَام"
وهناكَ روايةٌ تشيرُ إلى الدّورِ اللوجستيّ للنّساءِ في حروبِ الإمامِ المهديّ مثلَ معالجةِ الجرحى، فعنِ المُفضّلِ إبنِ عُمر عَن الإمامِ الصّادقِ (عليه السّلام) قالَ: "يكونُ معَ القائمِ (عجّلَ اللهُ فرجَه) ثلاثُ عشرةَ إمرأةٍ، قلتُ: وما يُصنعُ بهنَّ؟ قالَ: يداوينَ الجرحى ويقُمنَ على المرضى كما كانَ معَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم)" . ولا يعني ذلكَ إنحصارَ دورهنَّ في هذا المجالِ، وإنّما ذكرَ على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ، وهذا ما تؤكّدُه الرّواية الأخرى التي تجعلهنَّ مِن بينِ الثّلاثمئةِ والثّلاثة عشر.
وفي المُحصّلةِ حتّى لو شكّكَ البعضُ في صحّةِ هذه الرّواياتِ فإنَّ المبدأ العامَ لا يستبعدُ وجودَ أدوار مُهمّةٍ للمرأةِ في النّهضةِ المهدويّةِ، وبخاصّةٍ في المهامِّ التي لا تقومُ بها إلّا النّساء.
...⇣?❤️?⇣...