الدعوة للتفكير والتدبر في الإسلام

والأجيال السابقة، لأجل التعرف على السنن والقوانين التي وضعها الله تعالى لحياة البشرية.
التفكير السلبي التفكير السطحي والعشوائي عملية متيسرة لكل واحد، ولكن لاينتج أي ثمرة، وأما التفكير الذي يعتمد على الدراسات العميقة، والتجارب، والمحاسبات الدقيقة، ولا أقل من الدراسة الدقيقة لأفكار أرباب الفكر ومنجزاتهم فهو أمر في غاية الصعوبة والتعقيد، ولكن معطياتها ثرة غزيرة، وتعتبر رصيداً كبيراً للروح البشرية.
والإسلام قد اعتبر التوحيد، القاعدة الرئيسية له، والتوحيد أسمى واعظم فكرة عرفها الذهن البشري، وهي تعتمد على تفكير دقيق وعميق، وقد رفض الإسلام التقليد والتبعية في أصول الدين، وبالخصوص في أصل الأصول وهو التوحيد، ودعا إلى التفكير والتحقيق في ذلك، إذن فلابد لمثل هذا الدين، أن يوجه إهتمامه كثيراً للتفكير والتدبر، والتحقيق والبحث، ويخص بهذه المسألة الكثير من الآيات الشريفة، وبالفعل فقد إلتزم بذلك.
والقرآن الكريم، لم يدع مسألة التفكير، مبهمة، مطلقة غائمة، فلم يقل بصورة مجملة، فكروا في أي موضوع شئتم، ففي آية (159) من سورة البقرة يحدد الموضوعات التي يلزم التحقيق والبحث حولها، ويحفز الناس إلى التفكير فيها ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾. فكروا حول السماء والارض، ودوران الفلك، ومسيرة الليل والنهار، إبحثوا عن القوانين الحاكمة في الأجرام والكواكب، تعرفوا على الأرض، وطبقاتها وآثارها، والعوامل التي تؤدي إلى تغيير وضع الأرض بالنسبة للشمس، بصورة شاملة، خلال (24) ساعة، حيث تكون سبباً لحدوث الليل والنهار، إبحثوا حول هذه الحوادث بعمق، إدرسوا علم الفلك، والعلوم التي تبحث حول الأرض ومكوناتها ﴿وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ﴾ وهذه السفن التي تجري في البحر، وتطوي المسافات، وتخوض الأمواج المتلاطمة، وتثري علم الإنسان وتجاربه، تزودوا من هذه النعم الغنية، البحر، والسفن التي تجري فيه دون أن تغرق، والفوائد التي يتوصل اليها الإنسان من خلال الإبحار، كل ذلك تم وفق محاسبات وقوانين معينة، لايتوصل الإنسان إليها إلا من خلال التفكير والدراسة العميقة حولها.
﴿وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ المطر الذي يهطل من السماء للأرض، ومن خلال ذلك يحيي الله الأرض الميتة، وهناك الألوف من الأسرار والحقائق، مخبوءة في هذه العملية، لايتوصل اليها إلا الإنسان المفكر والباحث، الذي يبذل أقصى جهوده الفكرية، في هذا المجال، ليتعرف على الأسرار والحقائق، يتعرف على الجو وكائناته، ويتعرف على خواص المطر والنباتات.
﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾ حركة الرياح وهبوبها، الغيوم المسخرة بين السماء والأرض في حركة دائبة، في كل هذه آيات ودلالات على حكمة الله وجميل صنعه، ولكن ليس لكل أحد، بل لمن يفكر ويبحث في ذلك.
إذا ألف شخص، تجهله، كتاباً، وبعد ذلك كتب إليك رسالة، يخبرك فيها إذا أردت أن تتعرف عليَّ تماماً، عليك بقراءة الكتاب الذي ألفته، ويؤكد على قراءة بعض الأبواب والفصول التي يحددها في رسالته فمن الواضح أنه يلزم قراءة تلك الفصول بدقة وعمق مع الرجوع لإستاذ يفسر لك ما غمض عليك، إذا اقتضى الأمر ذلك، او لكتاب لغوي، والتعرف على لغة الكتاب، والحروف التي كتب بها ذلك الكتاب فمن خلال هذه القراءة الواعية، سوف تتعرف على مؤلفه الذي لم تشاهده، ومن الواضح، أنه لايمكنك التعرف على المؤلف برؤية غلافه فحسب.
إن القراءة العابرة والسطحية، حول عوالم الوجود، والتي تتميز بالتحقيق، والبحث العلمي العميق حولها، كتلك التي يمارسها العلماء في مختلف العلوم، علماء الهيئة والفلك، علماء الأرض، علماء الحياة، علماء النفس، وغيرهم، إن هذه القراءة العابرة تشابه تماماً، قراءة لغلاف الكتاب فحسب، فهي لاتجدي شيئاً، ولا يفهم ال