ان التافهين صاروا يحكمون العالم من دون رصاصة واحدة
(ربح التافهون الحرب، وسيطروا على عالمنا وباتوا يحكمونه) لذلك (لا لزوم لهذه الكتب المعقدة، لا تكن فخوراً ولا روحانياً، فهذا يظهرك متكبراً، لا تقدم أي فكرة جيدة. فستكون عرضة للنقد. لا تحمل نظرة ثاقبة، وسع مقلتيك، أرخ شفتيك، فكر بميوعة وكن كذلك، عليك أن تكون قابلاً للتعليب، لقد تغير الزمن، فالتافهون قد أمسكوا بالسلطة).
لقد أصبح (أما جوهر كفاءة الشخص التافه فيتمثل في قدرته على التعرُّف على شخص تافه آخر، كما يَدْعُمُ التافهون بعضهم بعضًا.) و (نظام التافهين هو مرحله من مراحل تطور النظام الاقتصادي الرأسمالي) فقد ولدت جذور حكم التفاهة مع عهد مارغريت تاتشر، يقول انه يومها جاء التكنوقراط إلى الحكم، استبدلوا السياسة بمفهوم «الحوكمة»، واستبدلوا الإرادة الشعبية بمفهوم «المقبولية المجتمعية»، والمواطن بمقولة «الشريك»، في النهاية صار الشأن العام تقنية «إدارة»، لا منظومة قيم ومثل ومبادئ ومفاهيم عليا. وصارت الدولة مجرد شركة خاصة، صارت المصلحة العامة مفهوماً مغلوطاً لمجموع المصالح الخاصة للأفراد، وصار السياسي تلك الصورة السخيفة لمجرد الناشط اللوبي لمصلحة «زمرته».
صارت التفاهة نظاماً كاملاً على مستوى العالم، وصارت قاعدة النجاح فيها أن «تلعب اللعبة». حتى المفردة معبرة جداً وذات دلالة، لم يعد الأمر شأناً إنسانياً ولا مسألة بشرية، هي مجرد «لعبة». حتى أن العبارة نفسها راجت في كل لغات عالم التفاهة: «أن تلعب اللعبة». وهي قاعدة غير مكتوبة ولا نص لها، لكن يعرفها الجميع.
ويعد الخبراء او الخبير أفضل تجسيد لنظام التفاهة، صورة «الخبير» هو ممثل «السلطة»، المستعد لبيع عقله لها في مقابل «المثقف»، الذي يحمل الالتزام تجاه قيم ومثل جامعات اليوم لتي تموّلها الشركات، صارت مصنعاً للخبراء، لا للمثقفين! حتى أن رئيس جامعة كبرى قال مرة ان «على العقول أن تتناسب مع حاجات الشركات»، لا مكان للعقل النقدي ولا لحسه، أو كما قال رئيس إحدى الشبكات الإعلامية الغربية الضخمة، من أن وظيفته هي أن يبيع للمعلن، الجزء المتوفر من عقول مشاهديه المستهلكين، والأهم أن الإنسان صار لاكتفاء، أو حتى لإرضاء حاجات السوق.
نضال الابراهيم