شوبنهاور.. ارادة الحياة (الحلقة الثالثة)

  • 24 - 06 - 2021
  • 2795
يمكن تلخيص هذا البحث بالنقاط التالية :

 

اولا : جميع الفلاسفة -حسب شوبنهاور- چانوا يعتقدون إنو جوهر العقل وحقيقته هو الإدراك ؛ ولكن "شوبنهاور" يخالفهم الرأي ويگول : إنو الادراك هو مجرد قشرة للعقل ، وإللي تحت هاي القشرة هو "الارادة" ..
-شنو هاي الإرادة ؟
-هي قوة مثل الغريزة توجه جميع الكائنات نحو أفعال معينة ؛ يعني الإنسان مو يفكر بشي ويشوفه زين لو مو زين علمود إذا زين يسويه ، وإذا مو زين مايسويه ؛ لا مو هيچ الحچي ؛ وإنما الإنسان وجميع الكائنات تفعل الشيء بتوجيه من غريزتها ( إرادتها ) سواء چان هذا الشي زين أو مو زين ، وبعد ذلك يبدأ العقل بالتبرير لهذا الفعل ..

ثانيا : يسمي "شوبنهاور" الإنسان ( الحيوان الميتافيزيقي ) ؛ لأن جميع الحيوانات تريد وترغب ولاتخفي إرادتها بقناع من الأسباب والمبررات ، مثلا الأسد إذا شافله غزالة رأسا يفترسهه وياكلهه ، وعندما تسأله : ليش سويت هيچ ؟ يگولك بكل صراحة : ( غير جوعان چا شسوي ؟! ) ، وأما الإنسان فالشغلة مختلفة وياه ؛ يعني مثلا تشوف شخص يغتاب شخص آخر دون وجه حق ، ولمن تگوله : ولك ليش تاخذ غيبة ، مو حرام ؟ رأسا يبرر موقفه ويگولك : ( الفاسق ما عليه غيبة ) ، واضح ؟
-نعم واضح ..
-فهنا إللي دفع الإنسان للغيبة هو نفس اللي دفع الأسد لأكل الغزالة وهو الغريزة ( إرادة الحياة ) ؛ ولكن الأسد چان صريح ، بينما الإنسان چان منافق ..

ثالثا : يگول "شوبنهاور" : إذا اردت ان تقنع شخص معين بفد شي ، لا تحاول ان تقنعه بالمنطق ؛ لأنو المنطق عديم الفائدة بالإقناع ، وإنما حاول ان تعرف شنو رغبات هذا الشخص وميوله ، وظل إعزف على هذا الوتر إلى أن يقتنع ؛ لأنو الإنسان تقوده رغباته وميوله وليس المنطق أو العقل ..

رابعا : العقل مجرد أداة طيعة للإرادة وشي ثانوي بالنسبة لها ؛ ولذلك تشوف أغبى إنسان إذا سألته سؤال يتعلق برغباته وميوله ، راح ينگلب أذكى شخص بخصوص هذا السؤال ، مثلا لو سألت شخص غبي جدا ؛ ولكنه بخيل ويحب المال حبا جما عن كيفية جمع المال ، فراح ينطيك جواب مفصل عن سؤالك ؛ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إن العقل هو أداة طيعة بيد الارادة ..

خامسا : شخصية الإنسان تشكلها إرادته لا عقله ؛ يعني الإنسان الطيب مو درس وعرف إنو الطيبة شي زين وعلى ضوئها صار إنسان طيب ، لا ، فالمعرفة والعلم ماتخلق ناس طيبين إلا نادرا ؛ وإنما الإنسان الطيب هو طيب من گاعه ؛ يعني صار طيب لأنو هذي الطيبة متوالمة وي إرادته وميوله ؛ ولذلك تشوف الناس يفضلون صاحب القلب الطيب على صاحب العقل الذكي ويسمون الشخص الذكي "ماكر" أو "داهية" تعبيرا عن مايبطنونه من كره داخلي تجاه هذا الشخص ، فالعقل يمكن ان يثير الإعجاب ؛ ولكنه يستحيل أن يثير المحبة ؛ ولذلك جميع الديانات تنطي حسنات على سلامة القلب وليس على ذكاء العقل ..

سادسا : الجسم هو ثمرة من ثمار الإرادة ، فإرادة الإنسان ورغبته بالتعلم والمعرفة تبني المخ ، وإرادة الإنسان ورغبته في ان يقبض الأشياء تبني اليدين ، وإرادة الإنسان ورغبته في الأكل تبني الجهاز الهضمي وهكذا ، فالجسم هو إرادة "مجسدة" ؛ بمعنى أن الإرادة اللي هي شيء مو مادي ، تجسدت إلى مادة على شكل جسم الإنسان ، فالإرادة والجسم هما شيء واحد ، وكل مافي الأمر أن الارادة تجسدت على هيئة جسد ..

سابعا : أجزاء الجسم تقابل الرغبات الرئيسية للإرادة ، وهاي الأجزاء لابد أن تكون التعبير المرئي لهاي الرغبات ..
-شلون يعني ؟
-يعني مثلا حلگ الإنسان وسنونه هما التعبير المادي للجوع ، وأعضاء التناسل هي التعبير المادي للرغبة الجنسية ، وهكذا كل جزء من أجزاء الجسم يقابل إرادة أو رغبة معينة ، فالجنس الإنساني بصورة عامة يقابل الارادة الإنسانية بصورة عامة ، بينما جسم شخص معين يقابل الارادة الخاصة لهذا الشخص ..

ثامنا : الفرق بين العقل والإرادة هو أن العقل يتعب ، بينما الإرادة لا تتعب ، العقل يصمت عند النوم ؛ بينما الإرادة شغالة أربعة وعشرين ساعة لافرق عندها بين اليقظة والنوم ، المخ يحتاج إلى النوم ليستعيد نشاطه ؛ بينما الإرادة لاتحتاج إلى اي شيء ، فهي دائما نشطة ، وهي تستغل نوم العقل وهدوء التفكير لكي تعمل على استعادة الخلايا اللي فقدها الإنسان أثناء يقظته ، ولذلك عندما تگعد شبعان نوم تشوف روحك منتعش ، وهذا كله بسبب الإرادة اللي عملت على إرجاع نشاطك أثناء النوم ..

تاسعا : الإرادة هي جوهر وحقيقة كل شيء في الوجود ، سواء كان هذا الشيء إنسانا أو حيوانا أو نباتا أو جمادا ، الإرادة هي الحقيقة النهائية لكل شيء ، ويمكن أن تكون الارادة هي "الله" ، وعليه لازم نفسر كل ظاهرة من ظواهر الوجود بالإرادة ، الإرادة هي التفسير لكل شيء ، وهي علة وسبب كل شيء ؛ فالارادة هي السبب اللي يخلي الإنسان ياكل ويشرب ويتزوج ويحب ويكره ، وهي اللي تخلي الحيوان يفترس ويتزاوج ، وهي اللي تخلي النبات ينمو ، وهي اللي تخلي الجماد يتحرك نحو جهات معينة دون أخرى مثل حركة الكواكب ؛ ولذلك سمى الفيلسوف "جوته" إنجذاب الحبيبين بعضهم لبعض ب"التشابه الانتخابي" واللي يقصد بيه إنو القوة اللي تخلي الحبيبين ينجذبون لبعضهم هي نفس القوة اللي تخلي الكواكب تنجذب إلى بعضها ، وهاي القوة هي الإرادة ..

عاشرا : الإرادة واحدة في جميع الكائنات ؛ ولكنها عمياء في بعضها كالجماد والنبات والحيوان ، وبصيرة في بعضها الآخر كالإنسان ، فالإنسان تستعين إرادته بعقله ، أو بعبارة أدق : تستخدم العقل لتحقيق اهدافها ..

أحد عشر : من الأدلة على كون الارادة أسبق من العقل مانراه في الحيوانات ( اللي ماعدهه عقل ) من سلوك عجيب عندما يصادفها شيء يهدد حياتها ، مثلا حطلك بزونه زغيره ع الميز وحاول تدفعهه إلى السقوط ع الأرض ، راح تشوف هاي البزونه ترجع ليوره تخاف على نفسهه من السقوط ! 
فشنو اللي دفع هاي البزونه إلى التراجع إلى الخلف وهي ماعدهه عقل ؟ اللي دفعهه هو إرادة الحياة ، وهذا دليل من هواي أدلة على إنو الأرادة هي شيء سابق على العقل ..

والحمد لله ..

الفيلسوف_شوبنهاور ( الحلقة الثالثة )

باسم_الشبلاوي


اذا لم تظهر لك التعليقات فأعد تحميل الصفحة (F5)

مواضيع أخرى للناشر

عامل النظافة

جاي أفتر بالسيارة وصادفت بطريقي واحد من عمال النظافة وهو يقوم بعمله في تنظيف الشارع العام، أوقفت السيارة على جانب
......المزيد

إعادة المعدوم... ممكنة لو مستحيلة؟؟؟

-اكو بحث مطروح بين الفلاسفة والمتكلمين (علماء العقائد) ، وهو : هل يمكن ان يعاد الشي المعدوم ام لا يمكن
......المزيد

(البحت)

يسولفون على وحده زعلت ويه رجلها ..راد منها الزلمة يمعودة اتعوذي الشيطان گول ما رضت تبقه ومن الصبح صرت اهديماتها
......المزيد

تجربة سجن ستانفورد

من أغرب التجارب في التاريخ في دراسة أثارت جدلا واسعا،
......المزيد

الوجود.. والماهية ؟؟!!

-كل شي بالدنيا إله جهتين : وجود وماهية ، مثلا السماء إلهه وجود وإلهه ماهية
......المزيد

العود.. الابدي عند نيتشة (الحلقة السادسة)

نيتشه عنده فكرة مهمة في فلسفته إسمها "العود الابدي" .. -شتگول هاي الفكرة ؟
......المزيد

نيتشة والسلطة (الحلقة الخامسة)

-يگول نيتشه : يجب أن يكون الحكم والسلطة بيد الطبقة الارستقراطية
......المزيد

مات الإله.. عند نيتشة (الحلقة الرابعة)

إنتقد نيتشه الدين بصورة عامة ، وإنتقد الدين المسيحي بصورة خاصة ..
......المزيد