شوبنهاور.. ارادة الحياة (الحلقة الثالثة)
اولا : جميع الفلاسفة -حسب شوبنهاور- چانوا يعتقدون إنو جوهر العقل وحقيقته هو الإدراك ؛ ولكن "شوبنهاور" يخالفهم الرأي ويگول : إنو الادراك هو مجرد قشرة للعقل ، وإللي تحت هاي القشرة هو "الارادة" ..
-شنو هاي الإرادة ؟
-هي قوة مثل الغريزة توجه جميع الكائنات نحو أفعال معينة ؛ يعني الإنسان مو يفكر بشي ويشوفه زين لو مو زين علمود إذا زين يسويه ، وإذا مو زين مايسويه ؛ لا مو هيچ الحچي ؛ وإنما الإنسان وجميع الكائنات تفعل الشيء بتوجيه من غريزتها ( إرادتها ) سواء چان هذا الشي زين أو مو زين ، وبعد ذلك يبدأ العقل بالتبرير لهذا الفعل ..
ثانيا : يسمي "شوبنهاور" الإنسان ( الحيوان الميتافيزيقي ) ؛ لأن جميع الحيوانات تريد وترغب ولاتخفي إرادتها بقناع من الأسباب والمبررات ، مثلا الأسد إذا شافله غزالة رأسا يفترسهه وياكلهه ، وعندما تسأله : ليش سويت هيچ ؟ يگولك بكل صراحة : ( غير جوعان چا شسوي ؟! ) ، وأما الإنسان فالشغلة مختلفة وياه ؛ يعني مثلا تشوف شخص يغتاب شخص آخر دون وجه حق ، ولمن تگوله : ولك ليش تاخذ غيبة ، مو حرام ؟ رأسا يبرر موقفه ويگولك : ( الفاسق ما عليه غيبة ) ، واضح ؟
-نعم واضح ..
-فهنا إللي دفع الإنسان للغيبة هو نفس اللي دفع الأسد لأكل الغزالة وهو الغريزة ( إرادة الحياة ) ؛ ولكن الأسد چان صريح ، بينما الإنسان چان منافق ..
ثالثا : يگول "شوبنهاور" : إذا اردت ان تقنع شخص معين بفد شي ، لا تحاول ان تقنعه بالمنطق ؛ لأنو المنطق عديم الفائدة بالإقناع ، وإنما حاول ان تعرف شنو رغبات هذا الشخص وميوله ، وظل إعزف على هذا الوتر إلى أن يقتنع ؛ لأنو الإنسان تقوده رغباته وميوله وليس المنطق أو العقل ..
رابعا : العقل مجرد أداة طيعة للإرادة وشي ثانوي بالنسبة لها ؛ ولذلك تشوف أغبى إنسان إذا سألته سؤال يتعلق برغباته وميوله ، راح ينگلب أذكى شخص بخصوص هذا السؤال ، مثلا لو سألت شخص غبي جدا ؛ ولكنه بخيل ويحب المال حبا جما عن كيفية جمع المال ، فراح ينطيك جواب مفصل عن سؤالك ؛ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إن العقل هو أداة طيعة بيد الارادة ..
خامسا : شخصية الإنسان تشكلها إرادته لا عقله ؛ يعني الإنسان الطيب مو درس وعرف إنو الطيبة شي زين وعلى ضوئها صار إنسان طيب ، لا ، فالمعرفة والعلم ماتخلق ناس طيبين إلا نادرا ؛ وإنما الإنسان الطيب هو طيب من گاعه ؛ يعني صار طيب لأنو هذي الطيبة متوالمة وي إرادته وميوله ؛ ولذلك تشوف الناس يفضلون صاحب القلب الطيب على صاحب العقل الذكي ويسمون الشخص الذكي "ماكر" أو "داهية" تعبيرا عن مايبطنونه من كره داخلي تجاه هذا الشخص ، فالعقل يمكن ان يثير الإعجاب ؛ ولكنه يستحيل أن يثير المحبة ؛ ولذلك جميع الديانات تنطي حسنات على سلامة القلب وليس على ذكاء العقل ..
سادسا : الجسم هو ثمرة من ثمار الإرادة ، فإرادة الإنسان ورغبته بالتعلم والمعرفة تبني المخ ، وإرادة الإنسان ورغبته في ان يقبض الأشياء تبني اليدين ، وإرادة الإنسان ورغبته في الأكل تبني الجهاز الهضمي وهكذا ، فالجسم هو إرادة "مجسدة" ؛ بمعنى أن الإرادة اللي هي شيء مو مادي ، تجسدت إلى مادة على شكل جسم الإنسان ، فالإرادة والجسم هما شيء واحد ، وكل مافي الأمر أن الارادة تجسدت على هيئة جسد ..
سابعا : أجزاء الجسم تقابل الرغبات الرئيسية للإرادة ، وهاي الأجزاء لابد أن تكون التعبير المرئي لهاي الرغبات ..
-شلون يعني ؟
-يعني مثلا حلگ الإنسان وسنونه هما التعبير المادي للجوع ، وأعضاء التناسل هي التعبير المادي للرغبة الجنسية ، وهكذا كل جزء من أجزاء الجسم يقابل إرادة أو رغبة معينة ، فالجنس الإنساني بصورة عامة يقابل الارادة الإنسانية بصورة عامة ، بينما جسم شخص معين يقابل الارادة الخاصة لهذا الشخص ..
ثامنا : الفرق بين العقل والإرادة هو أن العقل يتعب ، بينما الإرادة لا تتعب ، العقل يصمت عند النوم ؛ بينما الإرادة شغالة أربعة وعشرين ساعة لافرق عندها بين اليقظة والنوم ، المخ يحتاج إلى النوم ليستعيد نشاطه ؛ بينما الإرادة لاتحتاج إلى اي شيء ، فهي دائما نشطة ، وهي تستغل نوم العقل وهدوء التفكير لكي تعمل على استعادة الخلايا اللي فقدها الإنسان أثناء يقظته ، ولذلك عندما تگعد شبعان نوم تشوف روحك منتعش ، وهذا كله بسبب الإرادة اللي عملت على إرجاع نشاطك أثناء النوم ..
تاسعا : الإرادة هي جوهر وحقيقة كل شيء في الوجود ، سواء كان هذا الشيء إنسانا أو حيوانا أو نباتا أو جمادا ، الإرادة هي الحقيقة النهائية لكل شيء ، ويمكن أن تكون الارادة هي "الله" ، وعليه لازم نفسر كل ظاهرة من ظواهر الوجود بالإرادة ، الإرادة هي التفسير لكل شيء ، وهي علة وسبب كل شيء ؛ فالارادة هي السبب اللي يخلي الإنسان ياكل ويشرب ويتزوج ويحب ويكره ، وهي اللي تخلي الحيوان يفترس ويتزاوج ، وهي اللي تخلي النبات ينمو ، وهي اللي تخلي الجماد يتحرك نحو جهات معينة دون أخرى مثل حركة الكواكب ؛ ولذلك سمى الفيلسوف "جوته" إنجذاب الحبيبين بعضهم لبعض ب"التشابه الانتخابي" واللي يقصد بيه إنو القوة اللي تخلي الحبيبين ينجذبون لبعضهم هي نفس القوة اللي تخلي الكواكب تنجذب إلى بعضها ، وهاي القوة هي الإرادة ..
عاشرا : الإرادة واحدة في جميع الكائنات ؛ ولكنها عمياء في بعضها كالجماد والنبات والحيوان ، وبصيرة في بعضها الآخر كالإنسان ، فالإنسان تستعين إرادته بعقله ، أو بعبارة أدق : تستخدم العقل لتحقيق اهدافها ..
أحد عشر : من الأدلة على كون الارادة أسبق من العقل مانراه في الحيوانات ( اللي ماعدهه عقل ) من سلوك عجيب عندما يصادفها شيء يهدد حياتها ، مثلا حطلك بزونه زغيره ع الميز وحاول تدفعهه إلى السقوط ع الأرض ، راح تشوف هاي البزونه ترجع ليوره تخاف على نفسهه من السقوط !
فشنو اللي دفع هاي البزونه إلى التراجع إلى الخلف وهي ماعدهه عقل ؟ اللي دفعهه هو إرادة الحياة ، وهذا دليل من هواي أدلة على إنو الأرادة هي شيء سابق على العقل ..
والحمد لله ..
الفيلسوف_شوبنهاور ( الحلقة الثالثة )
باسم_الشبلاوي