الدين عند شوبنهاور (الحلقة التاسعة)
اولا : چان حجي "شوبنهاور" في بدايات حياته ماعنده كل توجه ديني ، وچان مايحترم الكنيسة ، وچان يحتقر رجال الدين ، حتى أنه وصف الدين بأنه "ميتافيزيقا الجماهير" ..
-شنو معنى هذا الوصف ؟
-يعني فقط الناس البسطاء والسذج هم اللي يكونون متدينين ، وأما الناس المثقفة والواعية فما يعترفون بشي إسمه "دين" ..
ثانيا : عندما كبر "شوبنهاور" شوية ونضج ، إكتشف في بعض الشعائر والأصول المسيحية معنى فلسفي عميق يتوالم وي فلسفته التشاؤمية ..
-شلون يعني ؟
-يعني مثلا إكتشف إنو جوهر المسيحية قائم على أمرين : الخطيئة والتكفير ، فمبدأ الخطيئة يؤيد ويقر ويعترف بنظرية "الإرادة" اللي تقوم عليهه فلسفة الحجي شوبنهاور ، ومبدأ التكفير يمثل الإنكار والمقاومة والرفض لهاي الإرادة ، وكذلك مبدأ الصوم الموجود بالديانة المسيحية يؤدي إلى إخماد الرغبات وإطفائها ، هاي الرغبات اللي أبدا ما توصل الإنسان إلى السعادة المنشودة ..
ثالثا : إن القوة التي إستطاعت المسيحية من خلالها الانتصار على الديانة اليهودية والديانتين الرومانية واليونانية الوثنيتين هي روح التشاؤم الموجودة في الدين المسيحي ؛ يعني الديانة المسيحية تعترف بأنو حال الناس شديد البؤس ، والخطايا والذنوب منتشرة بينهم ، بعكس الديانة اليهودية أو الديانات الوثنية اللي چان عدهه نوع من التفاؤل ، إعتبار إنو الدين في هذه الديانات هو "رشوة" تقدم إلى الإله ؛ حتى يعينهم في أمورهم الدنيوية ، بالك يمي ؟
-وياك وياك ..
-بينما المسيحية چانت تشوف إنو هدف الدين هو الإنتصار على الإرادة والغرائز الفردية وليس للتمتع بملذات الدنيا ، فالدين جهاد وكفاح وليس رفاهية ونعيم في الدنيا ، ولذلك كانت المسيحية في نظرتها التشاؤمية للحياة قريبة على أفكار "شوبنهاور" ..
رابعا : البوذية أعمق من المسيحية ؛ لأن البوذية تجعل هدم الإرادة والرغبات وإخمادها ، الهدف الأساسي من الدين ؛ يعني تحاول البوذية القضاء على الإرادة والرغبات بصورة تامة ؛ لأنها تعتقد أن الرغبات هي السبب الرئيسي لكل معاناة ..
خامسا : حكماء الهند أفضل من مفكري أوروبا ؛ لأن الهنود يفسرون الدنيا تفسير روحاني يرجع جميع الأشياء إلى أصل واحد ( وحدة الوجود ) ، بينما مفكرو أوروبا يفسرون الدنيا من خلال العقل ، فيجعلون الأشياء منفصلة عن بعضها البعض ، فالروح توحد ؛ ولكن العقل يفرق ..
سادسا : المسيحية لاتستطيع أن تؤثر في الديانة البوذية مهما إتسعت عمليات التبشير بالدين المسيحي في الشرق ، فلاتستطيع المسيحية جذب الناس اللي يسكنون الشرق نحو ديانتهه ، ومحاولة ذلك هي "كرمي طلقة مسدس في جبل شامخ" ، طلقة المسدس هي الدعوات التبشيرية للمسيحية في الشرق ، والجبل الشامخ هو عقيدة وديانة هؤلاء الناس الشرقيين ، واللي من أهمهه البوذية ..
سابعا : يمكن للديانات الشرقية ( البوذية وغيرها ) أن تغزو أوروبا وتنتشر فيها إنتشار النار في الهشيم ، وبالتالي راح تحدث تغيير عميق في طريقة تفكير الإنسان الاوروبي ، فيتحول تفكيره من مادي إلى روحاني ..
ثامنا : الحكمة النهائية من الدين هي : مقاومة الإرادة وتقليل الرغبات ؛ فكلما قلت الرغبات قلت الآلام ، إن السلام الذي يسمو على العقل ، والهدوء الروحي الكامل ، والطمأنينة العميقة ، هو الكتاب المقدس اللي لازم على البشرية ان تتبعه ..
والحمد لله ..
الفيلسوف_شوبنهاور ( الحلقة التاسعة )
باسم_الشبلاوي